مؤسف جدا ما ينتهجه بعض المسؤولين في الأجهزة الخدمية من استنفار وإشغال للجهات الأمنية والنيابة العامة واللجان القضائية في وزارة الإعلام بالشكاوى ضد الكتاب والصحفيين وأصحاب الرأي لمحاولة منع كل صوت إعلامي ناقد من الحديث عن التقصير في أداء تلك الأجهزة أو كشف عدم مواكبتها للنهضة التي تعيشها السعودية في ظل رؤية 2030.
مؤسف لأن المسؤول (الشكاي البكاي) يثبت بشكاواه صحة كل ما يُنشر عن التقصير في أداء جهازه نظراً لعجزه عن الرد إعلاميا وتفنيد ما تنشره الصحف، وربما يظن ذلك المسؤول أو يصور له بعض المنافقين المحيطين به أنه فوق النقد وأن الإعلام ينبغي أن يخدمه ويطبل لأداء جهازه وينشر صوره وهو يتجول مزهواً في كل مكان، بدل أن يحرص هو على خدمة الوطن والمواطن وتنفيذ ما تم تكليفه به على أكمل وجه.
قبل أشهر نشرت «عكاظ» خبراً عن امتناع النيابة العامة عن استقبال شكاوى مندوبي الجهات والأجهزة الخدمية ضد وسائل الإعلام والبدء بإحالة الشكاوى من هذا النوع إلى لجان مخالفات النشر في وزارة الإعلام، وقد أشدت بذلك حينها وظن الجميع أن أي مسؤول «شكاي بكاي» سيقف بعد هذا القرار ويراجع نفسه وحساباته ويتجاوز المنهج العدائي الساذج الذي ألصقه بصورته، ويبدأ في مد جسور الثقة مع الصحافة عبر الشفافية والتفاعل، لكن ما حدث أن «أبو طبيع بقي على طبعه» واتجه لإغراق لجان مخالفات النشر بالشكاوى وملاحقة وترهيب كل من ينتقد أداء جهازه بالغرامات المالية.
أحد الأصدقاء من المهتمين بشؤون مكاتب المحاماة كلف نفسه مشكورا وأوضح لي أخيراً أن بعض تلك المكاتب تحرص على أن (تلقط رزقها) من خلال التفنن في تقديم عروض مغرية لمسؤولين يواجهون انتقادات صحفية واعدة إياهم بتأديب كل من يكتب كلمة عن تقصيرهم.. بل إن هناك مكاتب خصصت وحدات لرصد كل ما ينشر في الصحافة وما إن تجد خبراً ينتقد أداء جهة خدمية حتى تصوره وتبدأ بالتواصل مع رئيس أو مدير تلك الجهة وتغريه بإخراس كل ناقديه وتحويل وسائل الإعلام إلى وسائل تطبيل له بعد أن تقدم له عرضا ماليا لملاحقة الصحفي والصحيفة، وقد يوافق المسؤول على العرض ويقتص مبلغه من أحد البنود المالية المخصصة للجهاز الذي يعمل فيه بدلاً من توجيه ذلك المبلغ لخدمة المواطنين.
مكاتب محاماة أخرى تحرص على تقديم عروض بشكل مستمر لأي مسؤول مصاب بفوبيا الإعلام لتوقيع عقود سنوية مع جهازه تحت بند الاستشارات القانونية والهدف بالطبع ملاحقة الصحافة والصحفيين بالقضايا وحماية ذلك المسؤول من النقد لا أكثر ولا أقل، وهذا يجعلنا نتساءل:
هل من حق موظف عمومي يدير جهازاً خدمياً أن يستخدم المال العام لملاحقة ناقدي أدائه في وسائل الإعلام؟ وألا يمكن أن يُعتبر ذلك هدراً للمال العام المخصص لخدمة الناس؟
الإجابة متروكة طبعاً لأهل الاختصاص، لكن الأكيد أن الصحافة وبدعم غير محدود من قيادة البلاد لن تتوقف عن نشر كل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن، حتى وإن قضت مضاجع المقصرين وملأت جيوب المحامين الباحثين عن لقمة العيش السهلة.
* كاتب سعودي
مؤسف لأن المسؤول (الشكاي البكاي) يثبت بشكاواه صحة كل ما يُنشر عن التقصير في أداء جهازه نظراً لعجزه عن الرد إعلاميا وتفنيد ما تنشره الصحف، وربما يظن ذلك المسؤول أو يصور له بعض المنافقين المحيطين به أنه فوق النقد وأن الإعلام ينبغي أن يخدمه ويطبل لأداء جهازه وينشر صوره وهو يتجول مزهواً في كل مكان، بدل أن يحرص هو على خدمة الوطن والمواطن وتنفيذ ما تم تكليفه به على أكمل وجه.
قبل أشهر نشرت «عكاظ» خبراً عن امتناع النيابة العامة عن استقبال شكاوى مندوبي الجهات والأجهزة الخدمية ضد وسائل الإعلام والبدء بإحالة الشكاوى من هذا النوع إلى لجان مخالفات النشر في وزارة الإعلام، وقد أشدت بذلك حينها وظن الجميع أن أي مسؤول «شكاي بكاي» سيقف بعد هذا القرار ويراجع نفسه وحساباته ويتجاوز المنهج العدائي الساذج الذي ألصقه بصورته، ويبدأ في مد جسور الثقة مع الصحافة عبر الشفافية والتفاعل، لكن ما حدث أن «أبو طبيع بقي على طبعه» واتجه لإغراق لجان مخالفات النشر بالشكاوى وملاحقة وترهيب كل من ينتقد أداء جهازه بالغرامات المالية.
أحد الأصدقاء من المهتمين بشؤون مكاتب المحاماة كلف نفسه مشكورا وأوضح لي أخيراً أن بعض تلك المكاتب تحرص على أن (تلقط رزقها) من خلال التفنن في تقديم عروض مغرية لمسؤولين يواجهون انتقادات صحفية واعدة إياهم بتأديب كل من يكتب كلمة عن تقصيرهم.. بل إن هناك مكاتب خصصت وحدات لرصد كل ما ينشر في الصحافة وما إن تجد خبراً ينتقد أداء جهة خدمية حتى تصوره وتبدأ بالتواصل مع رئيس أو مدير تلك الجهة وتغريه بإخراس كل ناقديه وتحويل وسائل الإعلام إلى وسائل تطبيل له بعد أن تقدم له عرضا ماليا لملاحقة الصحفي والصحيفة، وقد يوافق المسؤول على العرض ويقتص مبلغه من أحد البنود المالية المخصصة للجهاز الذي يعمل فيه بدلاً من توجيه ذلك المبلغ لخدمة المواطنين.
مكاتب محاماة أخرى تحرص على تقديم عروض بشكل مستمر لأي مسؤول مصاب بفوبيا الإعلام لتوقيع عقود سنوية مع جهازه تحت بند الاستشارات القانونية والهدف بالطبع ملاحقة الصحافة والصحفيين بالقضايا وحماية ذلك المسؤول من النقد لا أكثر ولا أقل، وهذا يجعلنا نتساءل:
هل من حق موظف عمومي يدير جهازاً خدمياً أن يستخدم المال العام لملاحقة ناقدي أدائه في وسائل الإعلام؟ وألا يمكن أن يُعتبر ذلك هدراً للمال العام المخصص لخدمة الناس؟
الإجابة متروكة طبعاً لأهل الاختصاص، لكن الأكيد أن الصحافة وبدعم غير محدود من قيادة البلاد لن تتوقف عن نشر كل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن، حتى وإن قضت مضاجع المقصرين وملأت جيوب المحامين الباحثين عن لقمة العيش السهلة.
* كاتب سعودي